دولة مصر هي جمهوريّة مصر العربيّة، يحكمها نظام جمهوريّ ديمقراطيّ، وهي دولة عربيّة إسلاميّة تقع في قارّة أفريقيا في الجزء الشماليّ الشرقيّ منها، أمّا حدودها فهي البحر الأحمر شرقاً، وليبيا غرباً، والبحر المتوسّط شمالاً، والسودان جنوباً، وفلسطين من جهة الشمال الشّرقيّ، ولجمهوريّة مصر امتداد آسيويّ أيضاً؛ حيث تقع شبه جزيرة سيناء في قارّة آسيا. تبلغ مساحة جمهوريّة مصر 1.002.450كم2، أمّا سكانها فيشغلون ما نسبته 7.8% من مساحتها الإجماليّة؛ أي ما يقارب 78.990كم2.
تحتلّ مصر مكانةً مرموقةً بين الدُّوَل، وتُعدّ مهداً للحضارات التي قامت عليها عبر التاريخ، وقد ميّزها الله سبحانه وتعالى بكثير من الأمور، مثل: الطبيعة الآمنة، ومصدر المياه الثابت وهو وادي النيل، والصّحارى في شرقها وغربها، والمناخ المعتدل، بالإضافة إلى موقعها المُتميّز الذي يربط بين ثلاث قارّات.
وقد فضّل الله مصر؛ إذ وردت في القران الكريم في مواضع كثيرة بلغ عددها ثمانية وعشرون موضعاً، إمّا بشكل مباشر كما في قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ)،
أو بشكل غير مباشر كما في قوله تعالى: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)،والمقصود بخزائن الأرض وزارة الماليّة في مصر.
سبب تسمية مصر أرض الكِنانة
تُعرَّف الكِنانة في اللغة كما يرد في معجم المعاني الجامع أنّها: (جَعْبة صغيرة من جلد أو نحوه ؛ لوضع السِّهام)، أمّا أرض الكنانة فيُقصَد بها أرض مصر بشكل مجازيّ، وقد أُطلِق لفظ الكنانة على مصر لأنّ الله حفظها في قلب الصحراء، كما أنّ واديها محفوظ بين حافّتَي الهضبة، وقد امتازت بأنّها أرض صحراويّة قاحلة شديدة الجفاف، فلا يمرّ منها الغزاة أو يقطعونها إلّا بصعوبة بالغة، وعلى عكس المناطق الأخرى،
مثل: بلاد شمال العرب، أو مناطق آسيا التي يمرّ منها الغزاة ويهاجر عبرها القويّ والضعيف ولا تحميها الهضاب، فقد كانت صحراء مصر بمثابة الغربال الذي يُصفّي من يدخل إليها، فلا تخرج منها إلّا أعداد قليلة تغلب عليها روح المغامرة والعزيمة، إلى أن تصل أرض النيل لتنعم بخيراتها ونعميها.
يقول مجموعة من العلماء الذين درسوا الاشتقاق اللغويّ:
إنّ اسم كِنانة جاء من لفظ المكنون أو المُحصن، وهو الاسم الذي يعبر عن أنّ مصر بلد حباها الله وميّزها بطبيعة آمنة، أمّا الحديث الوارد عن الرسول عليه الصلاة والسلام فهو: (مِصرُ كنانةُ اللهِ في أرضِهِ، ما طلبَها عدوٌّ إلا أهلكَهُ اللهُ)، فهو حديث لا أصل له؛ حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنّ هذا الحديث مأثور، ولكن لم يُعرَف إسناده، أمّا بدر الدين الزركشي فلم يجده، وقال السخاويّ: إنّه لم يرَ هذا الحديث بهذا اللفظ في مصر، وقال السيوطي: إنّه لا أصل له، وكذلك قال عنه الألباني رحمهم الله جميعاً.
أسماء مصر عبر التاريخ سُمِّيت مصر عبر التاريخ بالعديد من الأسماء التي عبَّرت عن طبيعتها الجغرافيّة، وتُقسَم أسماءها تبعاً للتسلسل الزمنيّ لها إلى ثلاث مجموعات، هي:
المجموعة الأولى: وهي أقدم الأسماء التي عُرِفت فيها مصر، وأوّلها كمت، ويُقصد به الأرض السّوداء أو الأرض الخصبة، وتلك إشارة إلى وادي النيل والزراعة فيه، والاسم الثاني هو دشرت، ويُقصَد به الأرض الصحراويّة أو الأرض الحمراء، إشارةً إلى صحراء مصر، حيث تمثّل المساحة الكُبرى فيها، أمّا الاسم الثالث فهو تاوى، ويُشار به إلى الأرضَين: الصعيد والدّلتا، أو جنوب مصر وشمالها.
المجموعة الثانية: عُرِفت أسماء الجموعة الثانية في عهد الدولة الحديثة، وأوّل اسم في المجموعة هو (حت-كا-بتاح)، وهو يشير إلى اسم أشهر معبد في مصر آنذاك للإله بتاح، وظهر الاسم الثاني وهو إيجيبتوس في مطلع القرن التاسع قبل الميلاد، ومن هذا الاسم اشتقّت اللغات الأوروبيّة لفظ (Egypt).
المجموعة الثالثة: تبدأ المجموعة الثالثة باسم مصر، وهو الاسم الذي تُعرَف به حاليّاً، وهي كلمة عربيّة تعني القُطر، وجمعها أمصار، وبدأت مصر تُلفَظ في اللغات الأشوريّة، والفينيقيّة، والبابليّة، والعربيّة، والعبريّة بمختلف الألفاظ، مثل: مشر، ومصر، ومصور، ومصرايم، ومصرو، وغيرها.
أهميّة مصر عبر التاريخ
إنّ لمصر أهميّةً كُبرى منذ القدم، فقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، كما وردت في السنة النبويّة الشريفة في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، فعن أمّ سلمة رضي الله عنها أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (اللهَ اللهَ في قِبْطِ مصرَ؛ فإنّكم ستظهرون عليهم ، ويكونون لكم عُدَّةً وأعوانًا في سبيلِ اللهِ).
حبا الله أرض مصر بكنوز كثيرة وثروات جعلتها مَطمعاً في عيون الأعداء، فأرادوا نهب ثرواتها وإضعافها، إلا أنّها عُرِفت برجالها الأقوياء وعلمائها، وجهادهم ووقوفهم في وجه الأعداء، فمنذ أن فُتِحت مصر وهي قلعة المسلمين الحصينة التي تقف في وجه أيّ عدوان يقع على الإسلام، وقد كان لمصر أهميّة كبرى عبر التاريخ بدءأً من فتوحات أفريقيا، والجهاد ضدّ الصليبيّين، واسترداد صلاح الدين وجنوده بيتَ المقدس في معركة حطّين، ومواجهة التتار، والجهاد ضدّ اليهود، ومواجهتهم والانتصار عليهم في الحرب الواقعة في عام 1973م.
أمّا في ظلّ الفتوحات الإسلاميّة فقد كبُرت حركتا التجارة والزراعة وازداد نشاطهما، وازدهرت تجارة القمح، والورق، والعاج الذي مصدره أثيوبيا والنوبة، إضافةً إلى تجارة الكتّان والزّجاج، وكانت تصل البضائع إليها من الصين والهند. وقد أوْلى المسلمون لمصر اهتماماً كبيراً بعد أن لاحظوا أهميّتها ودورها في التجارة العالميّة، فسمحوا للأقباط بممارسة التجارة، وأتاحوا لهم السُّبل التي لم يكونوا قد حصلوا عليها أثناء احتلال الرومان لهم، ولم يغيّر المسلمون النظم المصريّة المعروفة منذ العصور القديمة، فمنحوا أهلها حريّة الاعتقاد، وممارسة الأنشطة المختلفة،
مثل: الصناعة، والزراعة، واكتفوا بتولّي قضاء الدولة وشُرطتها، وقيادة الجيوش، الأمر الذي دعا الكثير من أهلها لاعتناق الإسلام وتعلُّم اللغة العربيّة؛ لقراءة القرآن وأداء العبادات، ومع نهاية القرن الثالث الهجريّ أصبحت غالبيّة شعوب مصر مسلمةً، ولغتها هي العربيّة التي تستعملها في جميع أمورها من تَخاطُب، وعبادة، وعلم، وأدب، وتوالت إنجازات مصر وشعبها على مرّ العصور لصنع تاريخ مجيد.
إرسال تعليق